27‏/09‏/2015

الكولونيل

جاري العقيد سمير الذي لم يشكل طوله الذي لا يتجاوز طوله 140 سم عائقاً أمام انتسابه للقوى الجوية بفضل جارهم الطيب الذكر فعلاً , المرحوم اللواء مهنا .


لم يخيب سمير ظن اللواء مهنا به , فقد أصبح من أقدر الطيارين السوريين على قيادة حوامات ميل هند 7 الروسية منذ كان ملازماً أول , وقد ترقى إلى أن أصبح نائب قائد السرب بمطار الضمير العسكري لكن هذا لم ييسر له اقتسام الجيب واظ مع ستة آخرين , كعادة القوى الجوية في هذه الحالات , فهناك على الدوام ضابط أصغر رتبة وأكثر دعماً يأخذ منه دوره بمناوبة الجيب واظ ولذا كانت بسكليت الكورس ( بلا رفافيف ) هي وسيلة تنقله الوحيدة في جبلة خلال الاجازات .


كانت براعة سمير بقيادة الحوامات تجعله مطلوباً بالاسم لقيادة حوامات الضباط القادة أثناء المشاريع الميدانية , فرفعت الأسد كان يطلبه بالاسم أيام مشاريع سرايا الدفاع , والأمر نفسه ينطبق على ابن حلة عاره , اللواء علي حيدر أثناء مشاريع الوحدات الخاصة .


حتى شفيق فياض وابراهيم الصافي كان لديهم مشاريع مدعمة بالحوامات و ... يطلبونه .


كان جميع الآلهة يحبونه ويطمئنون  إليه , ولكن لم يكلف أحدهم خاطره بأن يأمر له بدولاب جيب واظ ولا حتى تاترا أو أم كامل .


لا يتعدى الأمر معهم أكثر من عبارة : كيف حالك وَلَك ابن البلد , مرتاح بالخدمي ؟؟


وفي احدى المرات تأخر قليلاً عن موعد الكرنك للعودة إلى قطعته , فركب دراجة الكورس وهو يلبس بدلته الرسمية عله يلحق الباص في المحطة , وهنا أمسكت به الشرطة العسكرية.


شعره الحليق ع الصفر وطوله الذي لا يتناسب مع رتبة العقيد التي تلمع فوق كتفيه  وبسكليت الكورس التي زادت من سوريالية الموقف جعلت شوايا الشرطة العسكرية يوقفونه وينهالون عليه بالضرب بصفة انتحال رتبة ضابط أمير , وعندما أبرز لهم هويته العسكرية زادوا الضرب وهم يقولون : والله لنعمل ونترك فيك , مزور هوية ضابط كمان , وشدوا به موجوداً إلى فرع الشرطة العسكرية باللاذقية وهو يتورم من الضرب طيلة الطريق , وبعد أن ذاق الويلات من فروج ودولاب وبساط ريح وباقي الترحيبات المعهودة وصلت برقية إدارة شؤون الضباط بأن المذكور هو بالفعل أحد الضباط الطيارين في الجيش العقائدي ... اعتذر منه كاسر الضاهر رئيس الفرع شخصياً و .... حليق .


طلبه اللواء ابراهيم حويجة إلى آمرية الطيران لفهم ملابسات الحادث , وهناك طلب منه سمير إما سيارة واظ إسوة برفاق الطريق وإما نقله إلى مطار حميميم بجبلة , حيث لن يضطر إلى ركوب بسكليت الكورس مجدداً  للحاق بالكرنك .


ولما كانت السيارات المخصصة للطيارين مفروزة لزوجات وبنات وأبناء الضباط الكبار بالآمرية , فقد وجد ابراهيم حويجة أن نقل المذكور إلى مطار حميميم أقل كلفة من تخصيص سيارة له ... وبهذه الطريقة انتقل إلى جبلة .


استلم في المطار مهمة الدورية اليومية على المياه الاقليمية من منطقة الروس شمالاً , وصولاً إلى قويقات عند عرب الملك جنوباً .


وهكذا كان يجوب بحوامته يومياً بعيد العصر تلك المنطقة لحمايتها من العدو الغاشم .... حينها فقط أراد أن يتزوج ويؤسس بيتاً بعد طول شنشطة في كافة مطارات الجمهورية .


تقدم لخطبة كوكب الفاتنة , ابنة حارتنا التي قبلت به كونه ضابطاً قد الدنيا .


وهكذا أصبح بعد الخطبة يمر يومياً من فوق بيت كوكب لتحيتها أثناء عودته من الدورية .


كانت نساء وصبايا الحارة يصعدن للسطوح يومياً لمشاهدة خطيب كوكب وهو قادم نحوهم لتحيتها , وعندما تمر الحوامة يبدأ التصفيق والزغاليط , ولكن ... وعلى الدوام في مثل هذه الحالات هناك كثير من المشككين ومنهم أم وليد التي ادعت أن القادم ليس سمير بل أي طيار , وأن خط سير الحوامة تصادف أن يمر فوق البيوت , خصوصاً وأن الحوامة بعيدة وتبدو كنقطة في السماء , وإذا كان هذا سمير حقاً فليطر فوق البيوت على ارتفاع منخفض يجعلهم يميزونه .. وهذا ما طلبته كوكب من سمير عندما أتى لزيارتهم ليلاً .


ومن مبدأ ( غالي والطلب رخيص ) انخفض سمير بحوامته في اليوم التالي حتى كاد يلامس أنتينات الأسطح , وهدير الحوامة كاد أن يصيب الناس بالطرش 


ولعل سمير تناسى أن كل الحارة كشيشة حمام , وهكذا فعندما اقترب من سطح خطيبته دخل ثلاثة أرباع حمام الحارة في محرك الحوامة التي بدأت بالتلوي وبدأت وكأنها ستسقط فوق رؤوس الجميع .


براعة سمير أنقذت الحارة من كارثة , فقد انطلق بالحوامة المتلوّية نحو المطار , لكنها لم تصل إلى هناك , بل أنزلها اضطرارياً في حقل مجاور له .


نام الطيار العاشق عاماً كاملاً في تدمر , ثم جاء تسريحه دون أي مستحقات .. وفي هذه الأثناء فسخت كوكب خطوبتها عنه وتزوجت لطرطوس بينما عاد هو للتسكع على بسكليت الكورس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق