05‏/01‏/2013

يوم كاد الشبيح كمال يموت من الضرب

..
كمال صقر شبيح معروف , صهره اللواء الضئيل الدكدوك على الصالح قائد الدفاع الجوي في سوريا أيام الأسد الأب ومن هنا جاءت سطوته واستفشاره .
..
كان اللواء علي الصالح الأشبه بمساعد أول طرطور في إدارة المركبات هو من فتح المجال لوالد كمال المرابي للإثراء عبر نقل المجندين ضمن إدارة الدفاع الجوي .
تربى كمال على المال الحرام الذي لا يشوبه الحلال قط , وعندما بدأ نجم علي الصالح بالأفول افتتح كمال وأخوه الدكتور ( الأونطة ) شركة تشبيح برومانيا تحت ستار النقل البحري .


..
صلبط على الأرض المطلة على الفيض من مديرية الموانئ وبنى مقهى أوشن ( قوشن حسب رواية شلة القمار المواظبة فيه ) .
..
" مقهى أوشن حالياً هو مكان رئيس لتجمع الشبيحة والمخبرين من جميع الطوائف والملل "
..
وكما كانت البارودة الروسية والقنابل الهجومية لا تفارق سيارته فكذلك مسدس البراوننغ أبو حلقة لا يفارق خصره .
..
عمل في تهريب الدخان وكان يبيع المهربات للجميع بمن فيهم ( فيظ الله ) عينك عينك .
.. 
.
كان أحمد " ن " ( أبو الشورت ) شاباً هادئاً مثقفاً عاش لسنين في أوروبا , ثم تعرض هناك لحادثة ما أثرت على دماغه وضربت فيوزاً أو اثنين فيه , فأعادوه منذ سنين إلى سوريا على أول طائرة كما يقال .
امتاز أحمد بجسمه الرياضي المتناسق وشورته القصير الذي لا يلبس سواه حتى في أيام المربعانية القاسية .. كما اشتهر بكلامه المتزن العميق في الفلسفة والمنطق والأدب .
كان يزرع الكورنيش جيئةً وذهاباً وهو يحمل بيده كتاباً , لينتهي به المطاف بفنجان قهوة في مرعب أو الزوزو , يشربه بتكاسل وهو يقرأ كتابه باهتمام ما بعده اهتمام .
كان يجادل بكل علمية ومنطق وإقناع في كل المواضيع التي تريده فيها ... فقط في السياسة يتحول ليبدأ بنتف جميع الأرباب أيام الأسد الأب وأولهم الأسد نفسه .
لم يسلم علي دوبا ولا علي حيدر أو إبراهيم الصافي وشفيق فياض من نتفه .. ... كان لا يبقي على أحد .
لم يعجب المخابرات هذا الموضوع , ولم يشفع له أن أخته أم نبيل أرملة أحد الأصدقاء الشخصيين الحميمين لحافظ الأسد .
استلمه فرع الأمن العسكري لشهرين ثم أحاله إلى أمن الدولة ثم الجوية فالسياسية ,  الخ ...
كاد يميت المحققين بتحمله غير المعقول للضرب .. فما أن يتوقف الضرب عنه حتى يبدأ بسباب حافظ الأسد وأبيه وأمه وزوجته وأبنائه أجمعين .
ثم عرفوا قصته بوصول التقارير عن الفيوزات المفقودة في أوروبا فتركوه .
بعد أقل من أسبوع سمعه بعض العناصر الجدد يشتم الأسد فضربوه وأرسلوه إلى اللاذقية .
ما أن رآه المحققون هناك حتى قالوا للعناصر : الله لا يعطيكون العافية ع هالعلقة .. شو جايبيلنا ياه لهاد .
كانت تقارير الحركة الأمنية اليومية قد ذهبت إلى دمشق وبالتالي فإن أحداً من المحققين لا يستطيع تركه قبل قفل التقرير .. سأله أحدهم , قادمٌ حديثاً من طرطوس : بتعرف حدا بطرطوس حكيان معه هيك حكي ؟.
-
" أبو عصام " اللي بساحة المحافظة .
-
 هايا اللي عنده صيدليه زراعية ؟
-
 بذاته .
-
 ممتاز " ينظر المحقق إلى الرقيب الذي يسجل المحضر " ساويله يا إبني مهمة ارسال ع طرطوس وخلّو فرع طرطوس يواجهه مع " أبو عصام " .
..
وهذا ما كان .
دار جميع أفرع طرطوس ثم تركوه .
..
أقل من شهر ويحضروه لفرع الأمن العسكري باللاذقية  من جديد .
- لك شو هالعلقة " يصرخ المحقق " بعته ع الحارك يواجه " أبو عصام " بطرطوس .
وصل إلى طرطوس للمرة الثانية .. رآه المحقق فبدأ ينتف شعره .. كانت كل أفرع طرطوس تعرفه ولا يرضى أي فرع منها تسلمه ..
يصرخ المحقق : بعتوه يواجه " أبو خالد " بحمص .
..
تكررت القصة مجدداً .
لم يعد أحد يضربه في أي فرع .. ما أن يرونه حتى يرسلوه على الفور إلى محافظات جديدة ليواجه فيها ( أبو حسن وأبو علي وأبو جورج ) وما شئتم من أسماء .
كانت دير الزور هي المحافظة الأخيرة .. غاب هناك ستة أشهر افتقده فيها الكورنيش , ثم تركوه .
.. عندها لم يبق في سوريا فرع يقبل بتسلمه .
نبهوا على الدوريات بجبلة أن لا يعتقلوه مهما قال .. ولما كان على عنصر الأمن أن ينقل ما يراه فقد شددوا على الدوريات بترك المكان المتواجد فيه حالما يرونه .
نَعِمَ الكورنيش لسنوات بحماية الرفيق أحمد .
..
وحده كمال صقر لم يسمع بالقصة .
إلتقاه مرة في محل ( فيظ الله ) .. كان كمال يتباهى أمام ابن  ( فيظ الله ) بالعصا المطاطية التي أحضرها من لبنان وتستعملها القوات الأمريكية في قمع الشغب .
في تلك اللحظة دخل الأستاذ أحمد .
كان كمال يسمع من الآخرين كيف أن أحمد ( ن ) يشتم الأسد دون وزن لأحد .
قال له : ولَك هنت اللي عم تسب السيد الرئيس ؟
لم يرد أحمد بشيء .
تابع كمال : ولَك إذا آ بتبطل هالوطاوه هَنا اللي بدي ربيك .
كان أحمد يتمتع بجسم رياضي متناسق وقوي كما أسلفنا .. لم يقل شيئاً بل ضرب كمالاً بالكتاب الذي كان يحمله .
بدأ كمال على الفور بضربه بالعصا المطاطية القوية المخصصة لقوات حفظ النظام بأمريكا .. أكثر من عشرين ضربة متلاحقة بدت وكأنها وجهت للحائط .. حتى علائم الألم لم تظهر على وجه الأستاذ أحمد .. فقط نظرات الوعيد كانت ترتسم في عينيه .
ملَّ كمال من الضرب وبدا التعب واضحاً عليه .. كذلك ملَّ أحمد من تلقي الضربات فما كان منه - دون مقدمات - إلا أن أخذ العصا وبدأ يضربه ضرب ( وين بيوجعك وين ما بيوجعك )  ..
كانت العصي تنهال على صلعة كمال وجسده ويديه بمعدل ستين ضربة بالدقيقة .
حاول الفرار فلم يستطع فسقط أرضاً وهو يصرخ بتضرع : منشان الله يا عالم خلصوني من إيدين هالمجنون ..
عندما سمع أحمد كلمة مجنون زاد من وتيرة الضرب أكثر حتى غاب كمال عن الوعي والدماء تخرج من كل مكان بجسده  .
..
 عندها فقط توقف أحمد عن الضرب وألقى بالعصا جانباً , ثم أخذ كتابه بتمهل وغادر الدكان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق