05‏/01‏/2013

فيروز و... قهوة الصباح



..
منذ طفولتي وأنا أحب أن أفطر لحمة مشوية وأتعشى طبيخ دون أن أبالي بالغداء سواء كان حواضر ونواشف من أريبو أم لم يكن أصلاً .
كنت ألملم ليراتي القليلة كل فترة لأشتري وجبة كباب صباحية من عند السيد أحمد كريم .
كان الآخرون يستغربون : لعما شو مجنون , حدا بياكل لحمة عند الصبح ؟! .
أهز برأسي دون أجد مبرراً لحدتهم ... الأ يأكل العائبون اللحم كذلك ؟؟ ما الفرق بين أكله الساعة الثامنة
 صباحاً أوالثانية ظهراً .. مجرد ست ساعات لا تعني كثيراً في عمر الكون .

لقد أحببت طيلة حياتي أن أفعل ما أريده حين أشاء لا حين يفرض علي الآخرون توقيته .
كنت ألوم أبي وأمي وإذاعة دمشق ولبنان وصوت الجبل ثم محطات الاف ام والفضائيات فيما بعد على تطويب فيروز وفرضها على الجميع كل صباح , وتكريس أم كلثوم صاحبة الصوت القوي الصافي غير الشجي ملكة لسهرات الجميع .
لماذا هذه نجمة الماتينيه وتلك ملكة السواريه ومن المعيب التبديل بينهما .
لم أكن أكره فيروز .. كان صوتها يشجيني , لكنني بعد أن كبرت بدأت أكرهها .
كان صوتها المرتبط بالصباح يذكرني بطريق الشام الطويل الممل , وشوفير البولمان الذي يصر على تشنيف آذاننا بوجبة فيروزية طيلة الطريق في صباحات الشتاء والصيف , حتى أصبحت لا أسمع فيروز الا وأذكر نهوضي القسري من فراشي بعيد الفجر لأنطلق نحو الكراج , فأصعد الباص والنوم ما يزال يحرق عينيّ شبه المغمضتين لتبدأ مسيرة رتابة طويلة ومملة يلازمنا فيها صوت فيروز منذ وصولنا إلى مشارف طرطوس ولغاية نزلة التنايا القاسية عند مشارف دمشق .
ثم جاءت الكارثة عندما قررت السيدة قيروز بيع الغاز في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية تنفيذاً لقرار ابن مدينتي السيء الصيت والذكر سعيد سمور وزير الداخلية , فكرهتها أكثر ... لقد تحولت من وجبة ماتينيه إلزامية إلى وجبة جميع الأوقات .
كانت طرطيرات الغاز لا تنقطع طوال اليوم , ولا ينقطع معها صوت فيروز الشجي المنبعث من مكبرات صوت رديئة النوعية يمتزج معها صوت : طررررررررررررررررر بزعلي طول أنا وياك .
..
الله يصلحك يا فيروز .. ضروري كان تبيعي غاز آخر عمرك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق