05‏/01‏/2013

أقوى رجل في العالم



..
في السبعينيات وأوائل الثمانينيات كان أبو أحمد عكره يفتتح دورات تدريبيه في الكاراتيه والجيدو والمصارعة والجمباز في ناديه الواقع فوق محل فؤاد عيد .
كانت الأجيال المنقرضة تطلق على النادي المذكور إسم " 
قهوة العالية " أو المرسح أو السينما القديمة , ققد شهد ذلك النادي التاريخي ولادة أول سينما في تاريخ جبلة لصاحبها " أبو سمير النعنوع " تحت إدارة الدينامو " فؤاد عامر" .
..
كان أبو أحمد يُحضر في بعض الأحيان - خلال الاستعراضات والبطولات - بعض أصحاب اللحوم الطرشاء ممن يتمتعون بضخامة الأجساد وصغر العقول لإبرازهم كأبطال تاريخيين يحسدهم هرقل بجلالة قدره على قواهم الخارقة 
, فيثنون الحديد بعيونهم ويلتهمون الزجاج ويقرقشونه كما نقرقس بسكويت الغندور , وعندما يربطهم بإحكام بالسلاسل , كانوا بكل بساطة يضغطون أكتافهم ويفتحون أذرعتهم لتصبح السلسة شذراً مذراً .
..
كانت أشكال أولئك الصناديد واحدة : أجساد ضخمة مفتولة ولحى طويلة وتلعثم بالحديث .
كانوا جميعاً يبدون كتوائم لعبد الله الأدهم .. هل تذكرون ذلك الضخم الطيب الساذج الملتحي الذي كان يحمل على الدوام عصا حديدية يدقها بالأرض ليرهب بها الأولاد الذين يلتفون حوله .
لمن لا يعرفه :
كان أشبه الناس بديميس روسوس أيام عزه وصدام حسين لحظة القبض عليه , حتى أن بعض أهالي جبلة أقسموا لحظة القبض على صدام أنه ليس صداماً بل عبد الله الأدهم الذي خطفه الأمريكان لتمرير قصة الأسر .
..
ما لنا وكل هذا ولنعد إلى حكايتنا ::
أثار شكل عبد الله الأدهم وشبهه الغريب بصناديد أبي أحمد عكرة شهية محمد ( ب ) وأصدقائه الذين قرروا أنه يصلح لاستعراض كالذي يقيمه أبو أحمد كل عام , لكن الجميع في جبلة يعرف عبد الله وبالتالي فإن جبلة لا تصلح كمكان لهذا الكوليزيوم , وكذلك اللاذقية التي غالباً ما تعج بالجبلاويين مما قد يفضح الموضوع , ولذا وقع الخيار على طرطوس البعيدة نسبياً والتي لم تربطها عبر التاريخ الكثير من العلاقات المتأصلة مع جبلة .
لم يتردد الشباب كثيراً , وكذلك عبد الله الذي أقنعوه بالذهاب معهم مقابل كزوزة أورنجو .
..
وصلوا ساحة المشبكة بطرطوس بعد العصر , توقف محمد وهو ينادي على الناس لرؤية البطل الأسطورة وهو يحرر نفسه من الجنازير الحديدية .... كانوا قد أخذوا معهم بعض جنازير ربط البسكليتات .. تجمهر الأولاد حوله , ثم توقف بعض الرجال بدافع الفضول وسرعان ما امتلأت الساحة .
إعترض رجل قرمة على قلة ثخانة الجنزير ولم تنفع تبريرات محمد عن عدم توفر البديل إذ سرعان ما أحضروا له من المحل المجاور المعد لتجهيز السفن جنزيراً ضخماً يستطيع جر جزيرة أرواد من مكانها دون أن ينقطع متحدين محمداً في أن يستطيع بطله قطع هذا الجنزير .
قبل محمد التحدي وسرعان ما ربط به عبد الله المسكين الذي لم يستطع الحراك .
بدأ الشباب يجمعون المال من المتفرجين ومحمد يصرخ بصوته الجهوري عن ان البطل سيجعل الجنزير وكل جنازير بواخر طرطوس شذراً مذراً , وعندما رضي عن الغلة التي انتفخت طلب من الحضور كزوزة سينالكو للبطل ليبل بها ريقه أولاً .. انشغل الناس بإحضار الكزوزة واختلفوا عمن يكون له شرف اسقائها للبطل المربوط الذي سيقطع الجنازير ويدك طرطوس عن عروشها .
في هذه البلبلة انسحب محمد ورفاقه بهدوء حاملين ما تيسر وغابوا عن الأنظار .
شرب عبد الله الكازوزة , وسرعان ما شعر بوطأة القيد .. ملت الناس من الأنتظار وعبد الله يتململ دون أن يحرك ساكناً .. ثم بدأ بالصراخ دون مقدمات : فتّوني .. فتّوني ( فكّوني ) .

احتاج الناس لفترة قبل أن يدركوا أنهم وقعوا ضحية ذلك الشاب الجهوري الصوت ورفاقه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق